السلام عليكم
مقتطفات من مقال للدكتور محمد بن سعد الشويعر
وحتى الجنّ تأخذهم الحمية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والانتقام ممنْ يَسُبُه، ويَشْتم دين الله، من كفّارهم.
فقد ذكر كثير من العلماء، نماذج من ذلك، إذ إن الجنّ الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت تترصد وتقصد منْ يَسُب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كفارهم فتقتله، وذلك قبل الهجرة، وقبل أن يأذن الله في القتال، للجنّ وللإنس، فيقرهم على ذلك، ويشكر للجن هذه الحمية والدفاع.
فقد جاء عند ابن إسحاق وغيره، أن هاتفاً من الجن، هتف على أبي قبيس بستة أبيات من الشعر قبل البعثة، يمجد أوثان الكفار، ويشتم رسول الله صلى الله صلى الله وسلم، واسمه مِسْعَر، وبعد ثلاثة أيام سمعوا هاتفاً آخر على نفس الجبل يقول:
نحن قتلنا في ثلاثٍ مِسْعَرا
إذْ سفّه الحقّ وسنّ المنكرا
قنّعته سيفاً حُساماً مبترا
بِشَتْمِهِ نبينا المطهّرا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا عفريت من الجنّ اسمه: سمحج، آمن بي وسمّيته عبد الله، أخبرني أنه كان في طلبه: ثلاثة أيام، بعد قصيدته التي شتم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قتله غضباً لله وحمية لدينه، ودفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي رضي الله عنه، (رحمه الله: جزاه الله خيراً يا رسول الله..)، وهكذا نرى الحمية الدفاع عن رسول الله، مع ما له من الأجر العظيم عليه الصلاة والسلام لأنه خير له، تحرك المسلمين، حتى من مسلمي الجنّ للانتقام منه، دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خبر الحيّة الشهيدة:
أورد ابن عربيّ في كتابه محاضرة الأبرار، ومسامرة الأخيار، حكاية هذه الحية، بالسند إلى معاذ بن عبد الله بن معمر قال: كنت جالساً عند عثمان بن عفان رضي الله عنه، فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، بينما أنا بفلاة كذا وكذا، إذا إعصاران قد أقبلتا، إحداهما من مكان، والأخرى من مكان آخر، فالتقتا واعتركتا ثم افترقتا، وإحداهما أقل منها، حين جاءتْ، فذهبتُ حتى جئت معتركهما، فإذا من الحيّات شيء ما رأيت مثله قطّ غيره، فإذا ريح مسك من بعضها، فجعلت أقلّب الحيات، انظر من أيها هذه الرائحة، فإذا ذلك من حيّة صفراء دقيقة.
قال أبو محمد بن حيان في حديثه: تتثنّى ببطن أبيض ينضح منها ريح المسك، فقلت لأصحابي: أمضوا، لست ببارح حتى أنظر إلى ما يصير من أمر هذه الحيّة، قال: فما لبثتْ أن ماتتْ، فعمدتُّ إلى خرقة بيضاء، فلففتها فيها ودفنتها.
وفي حديث ابن معمر: في عمامتي، قال ابن حيان: ثم نحّيتها عن الطريق فدفنتها، وأدركت أصحابي في المتعشّى. قال: فوالله إنا لقعود، إذْ أقبل نسوة أربع، من قبل المغرب، فقالت واحدة منهن: أيّكم دفن عَمْراً؟ قلنا: ومن عَمْرو؟ قالت: إيّكم دفن الحيّة؟ قال: قلت: أنا.. فقالت: أما والله لقد دفَنْتَ صوّاماً قوّاماً، يأمر بما أنزل الله عزّ وجلّ، ولقد آمن بنبيّكم محمد صلى الله عليه وسلم، وسمع صفته في السماء، قبل أن يبعث بأربعمائة سنة.
وفي حديث ابن معمر: بعد أن ذكر دفنها، فبينما أنا أمشي، إذْ ناداني منادٍ ولا أراه، فقال: يا عبد الله، ما هذا الذي صنعت؟ فأخبرته بالذي رأيت، فقال: إنّك قد هديت، هذان حيّان من الجنّ، بني شيبان وبني أقبش، التقوا فكان من القتلى ما رأيت، فاستشهد الذي أخذته، فكان من الذين استمعوا الوحي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث ابن حيّان: قال الرجل فلما قضينا حجنا، مررْتُ بعمر بن الخطاب، رضي الله عنه بالمدينة، فأنبأته بأمر الحيّة، فقال: صدقْتَ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لقد آمن بي قبل أن أبعث بأربعمائة سنة (ج2 ص62 - 63).
pjn hg[k d]htu uk hgvs,g